Les fatwas françaises entre connaissance et réalité
Dr. Gamal Al-Hashimi
Le Prophète ﷺ a dit : « Lorsque l’on confie une affaire à ceux qui n’en sont pas dignes, attends l’Heure »
Et dans une autre version : « Lorsque l’on trahit le dépôt, attends l’Heure »
La fatwa – dans la tradition des savants du fiqh – est un dépôt, un mandat sacré, que seuls peuvent porter ceux qui maîtrisent les outils de l’ijtihad et qui détiennent à la fois la compréhension des textes et la lecture du réel.
En Europe, de nombreuses fatwas ressemblent à des tracts anonymes : sans fondement, sans contexte, sans raisonnement, et sans compréhension du cadre d’application.
Des textes sont extraits mécaniquement des grandes références du patrimoine islamique, puis plaqués sur un environnement qui ne produit ni ces concepts ni ne les reconnaît. Et le mufti – ou celui qui prétend l’être – ignore que « le jugement porté sur une chose découle de sa compréhension », une règle usulienne absente de la majorité des tribunes contemporaines.
Lorsqu’un imam émet une fatwa interdisant de féliciter un non-musulman à l’occasion de ses fêtes religieuses, en se basant sur la citation d’Ibn al-Qayyim : « Féliciter pour les rites spécifiques à la mécréance est unanimement interdit », il oublie – ou feint d’oublier – qu’Ibn al-Qayyim ne vivait ni dans un État civil ni dans un contexte pluraliste régi par le principe de citoyenneté plutôt que par le système de dhimma.
Le musulman en Europe est un citoyen en sécurité, non un prédicateur mandaté, ni un propagateur de foi ; c’est souvent un chercheur de stabilité économique après l’avoir perdue dans son pays d’origine. Pire encore : il est parfois un exilé ayant fui la contrainte dogmatique, la violence, l’injustice, la privation des libertés et l’insécurité – autant d’éléments que la finalité ultime de la religion cherche à combattre.
Certains textes religieux permettent même d’invoquer le bien pour un non-musulman au nom de l’harmonie sociale, non de l’exploitation théologique.
Appliquer mécaniquement la parole d’Ibn al-Qayyim au contexte européen relève de l’ignorance du réel avant même d’être une maîtrise du texte. Ce n’est pas une attaque contre la stature de ce savant qui disait lui-même : « La religion est entièrement fondée sur l’intérêt, la justice et la miséricorde ». Ce texte à visée finaliste (maqâsidî) ne
change pas selon les contextes, et ne peut être soumis aux dogmes de l’allégeance et du désaveu (al-walâ’ wa-l-bar
الفتاوى الفرنسية بين المعرفة والواقع.
د.جمال الهاشمي.
قال رسول الله ﷺ: “إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”
وفي رواية أخرى: “إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة”
والفتوى – عند أهل الفقه – أمانة لا يحملها إلا من جمعت له أدواتها وملك ناصية فقه النص وفقه الواقع.
في أوروبا كثير من الفتاوى تشبه المنشورات المجهولة: لا سند لها لا سياق ولا استدلال ولا فهم لمحل التنزيل.
نصوص تقتطع من أمهات الكتب وتسقط على بيئة لا تعرف تلك المفاهيم ولا تنتجها والمفتي – أو من ادعى ذلك – يجهل أن “الحكم على الشيء فرع عن تصوره”، وهي قاعدة أصولية غابت عن أغلب منابرنا المعاصرة.
حين يفتي الإمام بحرمة تهنئة غير المسلم مستندا إلى قول ابن القيم: “وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق”، فهو ينسى أو يتناسى أن ابن القيم لم يكن يعيش في دولة مدنية ولا في بيئة تعددية تحكمها المواطنة لا الذمية لا سيما وأن المسلم في أوروبا مستأمن وليس مبلغ للدعوة وباحثا عن حياة اقتصادية متقدمة بعد أن فقدها في وطنه بل إنه فر بدينه بسبب الإكراه العقائدي والعنف وغياب العدالة والحقوق والحرية والأمن وهذه من أعظم مقاصد الدين .
ثم إن من النصوص الدعوية نصوصا دينية تجيز الدعاء للكافر بصلاح دنياه من باب التوليف لا التوظيف.
إن إنزال هذا النص للإمام ابن القيم على الواقع الأوروبي هو جهل بالواقع قبل أن يكون علما بالنص وليس انتقاصا من مكانة هذا العالم الذي يقول الدين مصلحة كلها عدل كلها رحمة كلها ، هذا النص المقاصدي لا يتغير ولا يدخل في قاعدة الولاء والبراء لأن هذه القاعدة العقدية لها سياقات متعلقة بالغيب كما أن الاحتفالات والأعياد في أوروبا كالاعياد البدعية والوطنية والقومية في دول العالم الإسلامي.
ومما يزيد الطين بلة أن الإمام لا يعرف الفرق بين دار الإسلام ودار المواطنة وبين الذمة والمساواة أمام القانون. ومن هنا تصبح فتاواه عبثا لغويا يلبس عباءة الفقه و لكنها عباءة ممزقة لا تستر جهل صاحبها.
قال الإمام الشاطبي في الموافقات: “المفتي البالغ ذروة الاجتهاد لا يحل له أن يفتي حتى يعلم من حال السائل ما يناسبه من الأحكام”.
وهذه قاعدة أخرى تضاف إلى النظر في الواقع .
أما أئمة اليوم فكأنما السائل لديهم هو مخلوق افتراضي لا هوية له ويفتون للفرد المسلم وكأنه يعيش في حي فقهي من أحياء بغداد القديمة وليس موظفا في بلدية فرنسية أو طالبا في جامعة علمانية أو ناشطا في حركة مجتمع مدني.
وهنا جوهر الكارثة: الفقهاء يفتون في زمان غير زمانهم بلسان غير لسان واقعهم ثم بذلك يتحدون ثقافة قبلت بهم وهضمتهم وقبلت تميزهم وحافظت على حقوقهم في إطار القانون .
مثل هولاء الخطباء الفقه لديهم محفوظ لا يتطور مع مفاهيم دار الحرب والسلم والهدنة والولاء والبراء ولا الاستئمان.
يتم تصديرها كما لو أن أوروبا كلها ساحة صدام لا تعايش وكأن المسلمين دخلوها فاتحين لا فارين من ظروفهم المعيشية والأمنية .
أين قاعدة “تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحال والعرف”؟ بل أين قاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” .
عندما تصبح فتوى الإمام العقيم لكل محددات الفتوى وضوابطها تكون سببا في انغلاق الشباب المسلم أو تطرفه أو انتحاره الهوياتي .
هل قرأ هؤلاء الأئمة مقولة الإمام مالك: “لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”.
لو قرأوها بفقه المقاصد لفهموا أن ما صلح به أولها لم يكن الشكل وإنما الجوهر: المقاصد و العدل و فقه المآلات و سد الذرائع وفتح باب الاجتهاد المقيد بالواقع والحال.
لكنهم قرأوها نصا مجردا من سياقاتها الحيوية ومجالاتها الواقعية ومآلاتها الانسانية.
بلاغة في الظاهر مضطربة في العمق.
ثم كيف يفهم هولاء واقعهم الأوروبي وهم يتجاهلون أن أنظمتهم السياسية تدار بقوانين الغرب وثقافته ومبادئه بلغة أخرى أن دولهم تقيم القانون الدولي في علاقاتها والقانون الفرنسي في إدارتها.
في الفقه كما في الطب لا يجوز أن يمارس المهنة من لا يملك أدواتها فالطبيب الجاهل يقتل الجسد والمفتي الجاهل يقتل الضمير والأخلاق والمبادئ والقيم الدينية والإنسانية.
والأخطر من ذلك أنه يقتل الإسلام نفسه في عيون أجيال ولدت هنا وتريد أن ترى الله في النور لا في الظلام خارج إطار المقارنة بين كرامة الإنسان التي حفظت بغير الدين في أوروبا وكرامة الإنسان التي اهدرت في مجتمعات تعتنق الإسلام.