القبيلة ودورها في تنمية القيم الإنسانية

في إطار فعاليات المعهد الفرنسي للدراسات والبحوث وشؤون الأوسط ودوره المقارب بين:  النظرية والتقرير . المنهجية والتغيير . العلم والتعمير .

0 44

 

في إطار فعاليات المعهد الفرنسي للدراسات والبحوث وشؤون الأوسط ودوره المقارب بين:

  • النظرية والتقرير .
  • المنهجية والتغيير .
  • العلم والتعمير .

فإن المعهد يجدد رؤيته وذلك بطرح سياقات تفعيل مفهوم المواطنة والدولة المدنية والقيم الإنسانية  ضمن وأنشطة  تترابط معها وفق رؤية منهجية تحاول بإمكانياتها المتاحة الربط بين مفهومي النظر والعمل .

ولأن المعهد الفرنسي بتعدد مجالاته المترابطة أو الرابطة بين مدخلي الخصوصية والاختلاف من جهة والفكر والممارسة من جهة أخرى، وإدراكه المنهجي بالتنوع الثقافي والهويات وتعددها

فإن منهجية المتسمة بالعقلانية والواقعية  توازن بين خصوصية الآخر التي تداخلت فيها العادة والتاريخ والأحداث والتحولات والبعد الإنساني كقيمة عالمية وجودية تاريخية تجددت بالمصلحين والفلاسفة والأنبياء .

حيث تتأصل الموضوعية وعقلانية التوازن بالأطر المنهجية وفق سياقاتها ومبادئها.

وانطلاقا من هذه الرؤية فإن المعهد الفرنسي يبرز أحد مجالاته التطبيقية من خلال خصوصية القبيلة ودورها في بناء القيم الإنسانية والدول الحضارية الواعية بأنسنتها والحاجيات الإنسانية ومتطلباتها الضرورية والتحسينية .

وتعد القبيلة هي المكون الصلب عبر التاريخ ضمن أحلافها القبلية التي كانت لها دورا في بناء أهم الدول وأكثرها تأثيرا في الإنسان لا سيما بعد أن تتحول القيم الحضارية إلى قيم متطرفة داخل المدنية أو توظف المدنية والمواطنة توظيفا سلبيا وهذا التطرف هو ما يشهده عالمنا المعاصر الذي أهدر قيمة الإنسان وجعل من التكنولوجيا المتطرفة وسيلة لسحقه أو تغييره أو لاستعباده وتحريفه.

وفي التاريخ شهد التطرف الحضاري دمارا انتهى بالتآكل الذاتي أو بالسنن الكونية ، حيث انتهت دولة كسرى بالتفكك الذاتي،  وسحقت السنن الإلهية الحضارة الفرعونية والثمودية وحضارة مدين وتبع و سبأ وعاد ولوط  جبرا في مقابل الجبر بعد انغلاق الاختيار، وادى التطرف الحضاري لقبائل بني إسماعيل والأسباط من بني إسرائيل  إلى صراعات مزمنة  ذاتية ومع الآخر ما زال هذا المكون يعاني منها على مستوى العرق والفكر والعقيدة .

وتسحق الدول بالإضعاف أو الإزالة  بالذات أو بالآخر إذا وصلت إلى مرحلة التطرف المعادي لقيم العدالة والفطرة والإنسانية .

وتعد القبيلة من أهم المداخل المنهجية التي تجدد بقيمها المتطرفة بالفضائل قيم المدنية المعادية لتطرف الحضارة كان من الضروري اعتماد هذه المدخل ضمن مناهج علمية متوازنة تسعى لإعادة تفعيل دور القبيلة من خلال تجديد قيمها الذاتية وإعادة ترقية المعايير والتمثل بها لتكون أهلا لهذا التفعيل والتغيير في دولها وإقليمها وإنسانيتها.

وقد شهد التاريخ الإسلامي بما لا يدع مجال للشك باستقراء متواتر ، أن الدول الإسلامية جميعها بدأت أسسها بالقبيلة والتحالفات القبلية ومنها أعيد تجديد قيم المدنية الإنسانية  التي كانت وسطا بين تطرف القبيلة في فضائلها وقيمها، وتطرف الحضارة في البغي والرذائل.

بل إن دولة أمريكا التي وصلت إلى ذروة التطرف الحضاري بنيت مدنيتها بقيم القبيلة الثانية عشر المفقودة من بني إسرائيل ومثلها بريطانيا العظمى، إلا أن ذروة التطرف الأمريكي المعادي للقيم الإنسانية التي يتشارك معه فيها الآخر يقودنا إلى إبراز دور القبيلة مجددا لتؤسس لقيم تبني عليها حضارتها الإنسانية المتوازنة.

 

ولتنمية مفهوم الدولة المدنية وقيم المواطنة يؤكد المعهد الفرنسي على دور القبيلة باعتبارها النواة الأولى التي تنظم الشعوبية بقيمها وأعرافها لا سيما وأن القبيلة تتسم بالتوسع الثقافي من خلال نسب الموالي والأحلاف وهذا التوسع هو الذي يعطيها بعدا شعوبيا تكون مركزيتها قيم القبيلة وأعرافها .

في اللقاء القادم سيناقش المعهد مع رموز القبيلة وشيوخها وقادتها الدور المهمش الحالي للقبيلة وتشتتها بين طوائف عقدية وفكرية وايدلوجية وجهوية، والدور المنوط الذي يحررها من الهامش ويجعلها في المركز مجددا كأداة من أدوات التجديد للقيم والإنسان والواقع .

 

ويؤكد المعهد الفرنسي أن انشغاله بالبحث العلمي لا يفصله عن أداء دوره في تكوين الأئمة والتعريب والأنسنة وفض النزاعات وإدارة الأزمات بخصوصيته المنهجية المتميزة التي تميزها مطلقا عن غيره وما عداه من المؤسسات حيث تتبرع في صميم فكره ورؤيته القيم الإنسانية الخالدة والقيم العقلانية والدينية .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.