نقاد الشرعية بين الزعم والزعامة؛  هل النقد  أزمة في الضمير  ام تخلصا منه ؟..

0 16
نقاد الشرعية بين الزعم والزعامة؛  هل النقد  أزمة في الضمير  ام تخلصا منه ؟..
د جمال الهاشمي .
في اليمن يبدو ان الجميع يمتلك حسا نقديا خارقا ومهارة لغوية خارجة من بطون الكتب وكأنهم تخرجوا جميعا من مدرسة المتنبي وقرروا فجأة ان يعالجوا مشكلات الدولة بخطب على هيئة منشورات وتحول رجل الدولة إلى سياسي وكاتب ينظر لليمن وأزماتها وهو داخلها وجزء من الأزمة،  وكأن البلاد ليست بحاجة الى قرار يغير واقعها ويعيد هيبتها وقوانيها.
عادة ما يطلق على الموظف اليمني كاتب صحفي في ترتبة مدير ورئيس وقائد وسفير ، كاتب صحفي أو خطيب من على منابر الوظيفة العامة، يطالب المجتمع الدولي في الدفاع عن وظيفته أو مكانته، أو يطالب من الشعب أن يدافع عنه.
الموظف اليمني يصارع  الفساد  بالتصريحات ويتبرأ من الفشل بالقاءها على الآخر ، وبدلا من أن يتنازل عن السلطة أو الوظيفة العامة يتمسك بها كضمان اجتماعي لأنه يعلم أن خروجه منها خسارة مادية لا قيمة أخلاقية تقدم الأكفأ والأكفأ.
العجيب ان اكثر المنتقدين للسلط  هم اولئك الذين يسلمون رواتبهم منها، وهم أولئك الذي يرتدون عباءة الاصلاح من على كراسي الحكم، ثم يتحدثون عن الحكومة التي هم جزء منها و كأنهم معارضة من الشعب المطحون  لا يعرفون من اين تصدر القرارات ولا من يضع السياسات ولا من يغلق الادراج على الملفات العالقة.
لا احد منهم يملك رؤية عملية لانقاذ الشعب ، ومع هذا  يملكون ملاحظات نقدية،  لا احد يقدم خطة منهجية لحل الأوزمة، ومع هذا يمارسون ثقافة التأزيم،  الكل يكتب فيسبوكيات تنضح بالحكمة العدمية لا يدلون بدلوهم عن الحاجة، يفتقدون عند عندما تكون السلطة مسؤولية ويتكاثرون عندما تكون السلطة غنيمة ، بفرون من تحمل المسؤوليات وهم على رأس القيادة، إنهم يراقبون سقوط السلطة التي هم جزء منها ليتحولوا مجددا الى معارضة من داخلها ، وكأنهم جاءوا فقط ليعلقوا على فشل المشهد الذي هم جزء من ديكوره.
النقد في ثقافتهم لا يعني التغيير بل التنصل و لا يعني الوعي بل الثرثرة و لا يعني المراجعة بل الفذلكة السياسية التي لا تخرج عن كونها مدونة لغوية يطلقونها عند كل محطة ثم يعودون الى مقاعدهم في انتظار فشل جديد يكتبون عنه تدوينة جديدة.
هؤلاء لا يزعجهم غياب الحلول بل يزعجهم ان لا يكونوا جزء من صناع المأساة للشعب، ويزعجمهم تقدم اليمن واستقراره واستقلاله وحفظ كرامة مواطنيه،  يرون انفسهم ابرياء ما داموا لم يوقعوا على القرار النهائي حتى وان كانوا هم من اقترحوه في الاجتماع السابق يعتقدون ان النقد يمنحهم صكا بالغفران الوطني ما داموا قالوا يوما ان هذا خطأ، فأي خطيئة أعظم من تكون معارضا وحاكما، وفاشلا ومفشلا في الوقت ذاته، إن ابليس حينما قرر المعارضة غير مكان وجوده واختار عدوه في شجاعة متناهية ومبدأ ثابت، ولا عجب أن يكون من البشر من يكون أسوأ مكانا منه، لأنهم قرروا أن يكونوا مع السلطة وضدها في الوقت ذاته، نقدا ليس موجها للذات وإنما موجها لمن أشاركه الحكم والقرار والسلطة .
وهكذا يستمر العرض حكومة تنتقد نفسها بأصوات من داخلها  وموظفون يهاجمون الدولة التي يعملون فيها دون ان يغلقوا مكاتبهم  براءة للذمة وتحميل من يتحمل المسؤولية والتحول الى المعارضة البناءه ومثل هولاء مثقفون يطالبون باصلاح كل شيء الا انفسهم، لأن صلاح النفس يعني سلامة المجتمعات والدولة من وعثائها.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.