نقاد الشرعية بين الزعم والزعامة؛  هل النقد  أزمة في الضمير  ام تخلصا منه ؟..

0 5
نقاد الشرعية بين الزعم والزعامة؛  هل النقد  أزمة في الضمير  ام تخلصا منه ؟..
د جمال الهاشمي .
في اليمن يبدو ان الجميع بات يمتلك حسا نقديا خارقا ومهارة لغوية خارجة من بطون الكتب وكأنهم تخرجوا جميعا من مدرسة المتنبي وقرروا فجأة ان يعالجوا مشكلات الدولة بخطب على هيئة منشورات وكأن البلاد ليست بحاجة الى قرار بل الى تعليق وكأن الفساد لا يهزم الا بالتصريحات وان الفشل لا يزول الا بالقاء التهم يمينا وشمالا
العجيب ان اكثر المنتقدين هم اولئك الذين يوقعون رواتبهم من نفس الجهة التي ينتقدونها ويرتدون عباءة الاصلاح فوق كرسي من عجز صنعوه بأيديهم هم جزء من الحكومة لكنهم يتحدثون كأنهم معارضة من كوكب آخر كأنهم لا يعرفون من اين تصدر القرارات ولا من يضع السياسات ولا من يغلق الادراج على الملفات العالقة
لا احد منهم يملك رؤية لكن كلهم يملكون ملاحظات لا احد يقدم خطة لكن الكل يكتب فيسبوكيات تنضح بالحكمة العدمية لا يدلون بدلوهم في وقت الجد بل ينتظرون كل سقوط ليشيروا باصابع الاتهام وكأنهم جاءوا فقط ليعلقوا على فشل المشهد الذي هم جزء من ديكوره
النقد في ثقافتهم لا يعني التغيير بل التنصل لا يعني الوعي بل الثرثرة لا يعني المراجعة بل نوعا من الفذلكة السياسية التي لا تخرج عن كونها تمارين لغوية يطلقونها عند كل محطة ثم يعودون الى مقاعدهم في انتظار فشل جديد يكتبون عنه تدوينة جديدة
هؤلاء لا يزعجهم غياب الحلول بل يزعجهم ان لا يكونوا في موقع من يشرح المأساة دون ان يتورط في صنعها يرون انفسهم ابرياء ما داموا لم يوقعوا على القرار النهائي حتى وان كانوا هم من اقترحوه في الاجتماع السابق يعتقدون ان النقد يمنحهم صكا بالغفران الوطني ما داموا قالوا يوما ان هذا خطأ حتى لو كانوا هم من بدأه
وهكذا يستمر العرض حكومة تنتقد نفسها بأصوات من داخلها  وموظفون يهاجمون الدولة التي يعملون فيها دون ان يغلقوا مكاتبهم ومثقفون يطالبون باصلاح كل شيء الا انفسهم وكأن اليمن بحاجة الى مسرحية اخرى من بطولة النقاد الهاربين من المراجعة الذاتية العاجزين عن الاعتراف بانهم جزء من المشكلة قبل ان يكونوا جزءا من الحل.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.