مصفوفة القيم ودور ها في مقاربة المناهج العربية: دراسة تحليلية “السودان نموذجا”
د. راشد التجاني سليمان
abumoneeb72@gmail.com
الأمين العام لمركز أجيال لبناء القيم والتعلم، والأستاذ المشارك ورئيس مركز تحليل النزاعات ودراسات السلام بجامعة أمدرمان الإسلامية، والرئيس السابق لقسم العلوم السياسية.
المستخلص:
إن الناظر في مناهجنا التعليمية في العديد من البلدان العربية، يجد غياب رؤية نسقية للمصفوفة القيم تحدد مرجعيتها، ومعلوم أن تعدد المرجعيات في بناء مناهج التعليم عموما والتربية على القيم على وجه الخصوص، يعتبر الشاهد على عدم إمكانية مقاربة المناهج العربية.
جاءت هذه الورقة محاولة لابراز دور مصفوفة القيم في مقاربة المناهج العربية بتحليل مادة التاريخ والتربية الوطنية في المناهج السودانية باعتبار أن مصفوفة القيم هي اكثر جوانب المناهج قدرة على تحقيق هذه المقاربة، المشكلة الرئيسية التى تسعى الورقة لحلها هي ماهية دور مصفوفة القيم في مقاربة المناهج العربية ؟
وتهدف الورقة إلى :
- تعريف القيم وبيان أهميتها وتصنيفتها ومرجعيتها وتعريف المنهج التربوي وبيان أسس بنائها.
- بيان مصفوفة القيم ومستويتها وعلاقتها بالمناهج التربوية.
- التعرف على تحديات ومعوقات مقاربة المناهج العربية والمعيار المحدد لها.
- تحليل مصفوفة القيم للمادة التاريخ والتربية الوطني بالسودان.
تتبع الورقة المنهج الوصفي التحليلي. واهم نتائجها هي – إن القيم لابد أن تكون عامة وثابته ومطلقة وكلية، وهذا لا يمكن إلا إذا سلمنا بوجود الله الخالق. مما يجعل احترامها أمرا نابعا من ذات الانسان وطاعة اختيارية لله ونية صادقة لكسب رضاه – إن مصفوفة القيم تحدد نظام القيم القائم في المجتمع أو الجماعة أو الافراد، لتنظم مجموعة من القيم المتربطة تكون محل اجماع وقبول بينهم، وتتجمع على شكل سلم هرمي – هنالك عدة تحديات تواجه مقاربة المناهج العربيه منها التحدي الاقتصادية حيث يدخل الواقع الاقتصادي العربي بصعوباته واشكالياته في قلب الازمة التربوية ويشكل في الوقت نفسه جزء من بنيتها مما ينعكس على إمكانيات مقاربة المناهج وتحدي التعليم في غياب التنسيق المطلوب بين الجامعات العربية ووزارات التربية في مجال إجراء البحوث والدراسات المقاربة وغياب نسق الاولويات في تحديد القيم التربوية العربية المشتركة – من معيار مقاربة المناهج العربية من منظور إسلامي وضوح منطلقات المناهج التعليمية بصدورها عن الرؤية الإسلامية الشاملة للكون والحياة والمصير، تحديد مصادر المعرفة التعليمية في الوحي والعالم، النظر إلى المرجعية باعتبارها حاكمة لكل مجالات الحياة وناظمة للعلاقات التي تجمع الانسان بالخالق والطبيعة، توضيح مكانة الموروث التاريخي والحضاري من خلال قراءه ناقدة تعمل على تثبيت الإيجابيات وتجاوز السلبيات، تحديد الاختيارات المذهبية والفكرية والاجتماعية التي تمثل خصوصيات كل بلد بما لا يتناقض مع المرجعية الحاكمة – يمكن تحديد المقاصد العليا لمقاربة المناهج العربية من منظور إسلامي في تحديد الرؤية الناظمة، التي تجيب عن الأسئلة الكبرى المتعلقة بالكون والحياة والمصير، تحديد مكونات الشخصية المسلمة متكاملة الجوانب والمتفاعلة مع الواقع وحاجاته، استخراج مقاصد التربية والتعليم من كتب التراث التربوي وتحليل مدى تفاعلها مع حاجة الواقع – بتحليل مصفوفة القيم لمادة التاريخ والتربية الوطنية في السودان يمكن تصنيف وترتيب هذه القيم حسب عدد تكرارها (قيم الدين الإسلامي”29.7%”، قيم الوطنية”29.7%”، القيم الاجتماعية”18.9%”، القيم الشخصية”13.5%”، القيم السياسية “8.1%”) من هذا التحليل يمكن استخلاص قدرة مصفوفة القيم على تحقيق مقاربة المناهج العربية إذ أن 91.9% من قيم هذه المصفوفة هي قيم عامة ومشتركة ومقبولة لدى كافة المناهج العربية وحتى نسبة 8.1% المتبقية يمكن باجراء تحوير بسيط فيها أن تصبح قيم داعمة لمقاربة المناهج العربية وذلك بتحويل حفز التوجه الافريقي إلى حفز التوجه العربي.
ومن توصيات الورقة: إنشاء بنك معرفي لمقاصد التربية والتعليم العربية بما يؤسس لبناء نظرية تربوية إسلامية معاصرة، متكاملة وقادرة على المنافسة وخلق البديل – التمسك بالهوية الاجتماعية والتاريخية للمجتمع العربي والتصرف وفق قيم التضامن الاجتماعي العربي واحترام الاختلاف وتثمين التنوع الثقافي واللغوي والبيئي داخل الوطن العربي، والاجتهاد في المحافظة عليه – تشكيل هئية موحدة تشترك فيها الدول العربية ويديريها نخبة من الخبراء من الدول الأعضاء لإنشاء مناهج دراسية موحدة.
ستنشر الورقة البحثية على موقع مجلة توازن