الاستثمارات بين دول الخليج وأمريكا وغياب الاستثمار في الدول العربية؛من منظور كينز وسميث

0 24

 

الاستثمارات بين دول الخليج وأمريكا وغياب الاستثمار في الدول العربية؛من منظور كينز وسميث

د. جمال الهاشمي

في إطار العلاقات الاقتصادية العالمية تعد الاستثمارات المتبادلة بين دول الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية نموذجا متقدما لتحالف مالي عقلاني، هذا النموذج لا يستند فقط إلى المصالح المباشرة بل يستمد زخمه من التقاء مصالح هيكلية ورؤية استراتيجية مشتركة، لكن لماذا تميل رؤوس الأموال الخليجية إلى الأسواق الغربية وفي مقدمتها أمريكا بينما تنأى عن البيئات العربية المجاورة؟

وللإجابة نستعرض رؤيتين اقتصاديتين مختلفتين كينز الذي آمن بالتخطيط والتحفيز وسميث الذي راهن على السوق والحرية قبل أن ننتقل إلى سؤال محوري لماذا يبدو العالم العربي طاردا لرأس المال الخليجي؟

أولا: كينز الاستثمارات كأداة لتحفيز الطلب والاستقرار.

في فكر جون مينارد كينز تعد الاستثمارات من محركات الطلب الكلي وعنصرا أساسيا في خلق الوظائف واستعادة النشاط الاقتصادي خاصة في أوقات الركود، من هذا المنطلق فإن تدفق رؤوس الأموال الخليجية إلى الاقتصاد الأمريكي يمكن اعتباره أداة مزدوجة التأثير؛ فمن جهة يسهم في تحفيز النمو الأمريكي من خلال دعم الأنفاق والاستثمار في قطاعات حيوية مثل العقارات والطاقة والتكنولوجيا، ومن جهة أخرى يعتبر وسيلة لضمان استقرار العائد وتقليل المخاطر بالنسبة للمستثمر الخليجي الذي يبحث عن بيئة آمنة وعوائد متوقعة.

وفي المقابل تستفيد الاقتصادات الخليجية من الاستثمارات الأمريكية التي تنقل معها التكنولوجيا والخبرة الإدارية مما يدعم خطط تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط وهو هدف ينسجم مع رؤية 2030 لتحقيق توازن اقتصادي واجتماعي شامل.

ثانيا آدم سميث المصلحة الذاتية والعقلانية الاستثمارية.

من منظور آدم سميث فإن ما يفسر هذا النمط من الاستثمار هو المصلحة الذاتية الرشيدة

المستثمر حيث لا مجال فيها للعواطف وإنما العقلية بهذا المنظور تبحث عن أسواق مفتوحة، حماية قانونية قوية، وبنية مؤسساتية متماسكة، وأطر تنظيمية تعزز الكفاءة.

بهذه القواعد السميثية تمثل الولايات المتحدة بيئة مثالية للمستثمر لأنها توفر مؤسسات راسخة وقوانين واضحة وشفافية عالية، وهنا تعمل اليد الخفية للسوق فتوجه رأس المال الخليجي حيث تكون الكفاءة والربح لا حيث تكون القرابة أو اللغة.

ثالثا: قراءة حديثة من منظور فريدمان وستيغليتز:

يؤمن ميلتون فريدمان بأن حرية رأس المال تماما كحرية الفرد ضرورية لازدهار السوق، بالتالي فإن توجه الأموال الخليجية نحو أمريكا ليس مجرد خيار بل استجابة طبيعية لأن السوق الأمريكي يوفر أدوات مالية متقدمة وشفافية في التسعير وعملة مستقرة، ويضيف جوزيف ستيغليتز بعدا مؤسسيا إذ يرى أن رأس المال لا يتجه فقط نحو الكفاءة بل نحو البلدان التي تحكمها مؤسسات شفافة، ولهذا السبب نرى أن غياب الحوكمة الجيدة في كثير من الدول العربية يعيق جذب رؤوس الأموال الخليجية ، ولهذا نجد من أهم أسباب ضعف البلدان العربية من جذب المال الخليجي ما يلي:

  • ضعف المؤسسات والمخاطر السياسية: على الرغم من الروابط الجغرافية والثقافية إلا أن الكثير من الدول العربية تعاني ضعفا في الأنظمة القانونية وعدم استقرار سياسي وتشريعي مما يجعلها بيئة غير آمنة للاستثمار طويل الأجل.
  • غياب الحماية القانونية والتحكيم المستقل: في دولنا العربية لا توجد آليات تحكيم فعالة ولا ضمانات قضائية مما يجعل المستثمر الخليجي يتجنب المجازفة في بيئة قانونية غير واضحة
  • قلة الجدوى الاقتصادية للمشاريع: حيث تعاني الاقتصادات العربية من هيكل اقتصادي غير إنتاجي وضعف في الابتكار وقلة المشاريع القابلة للنمو مما يجعل العائد المتوقع منخفضا مقارنة بأسواق عالمية أخرى.

وفي المقابل تعد دول الخليج مقارنة بالدول الأخرى آمنة للاستثمار نظرا لتطور بنيتها التشريعية والقضائية ووجود حوكمة فعالة وقواعد واضحة نسبيا.

إن حركة رأس المال الخليجي تعكس فهما عميقا وواقعيا للاقتصاد المعولم فهي تتحرك وفق اعتبارات سميثية دقيقة وتستفيد من دروس كينزية ذكية واذا أرادت الدول العربية أن تجذب هذا المال فلا بد من إصلاح بيئتها الاقتصادية عبر بناء مؤسسات عادلة قوانين واضحة مشاريع إنتاجية واستقرار سياسي حقيقي؛ حينها فقط يمكن أن تعود الأموال العربية إلى الأرض العربية

إن البيئة المؤسسية هي الأساس في جذب الاستثمار بحسب جوزيف ستيغليتز وأن الدول التي لا تملك قضاء مستقلا ولا اليات شفافة لفض النزاعات ولا قوانين واضحة لحماية الملكية ولا حوكة رشدية كما في البلاد العربية والإسلامية ستبقى طاردة لرأس المال حتى لو كانت تربطها علاقات ثقافية أو دينية بالمستثمر كحال بلداننا العربية ودول الخليج العربية وخصوصا هنا اليمن التي تعاني من أزمة بنيوية في العقل والمؤسسة والفكر والرؤية والواقع.

ولذلك فإن المستثمر الخليجي لا يجد في أغلب الدول العربية ضمانا لحماية أمواله من الفساد أو التدخل السياسي وهو ما جعله  يفضل الاستثمار في بيئات مثل أمريكا أو بريطانيا حيث القانون هو الحكم.

ومن جهة أخرى فإن غياب الحوافز الهيكلية  من منظور مايكل بورتر صاحب نظرية- الميزة التنافسية للدول- التي يؤكد فيها على خلق بيئة استثمارية تتضمن تقديم المقومات التالية؛  سوق تنافسية حقيقية وموارد بشرية مؤهلة وبنية تحتية متقدمة وقدرات على الابتكار والتصدير

والدول العربية – بحسب تحليله – تعاني من  غياب الكفاءة المؤسسية وضعف التعليم الفني والإداري واقتصاد ريعي غير محفز على الإنتاج وهذه كلها تجعل المستثمر لا يرى فرصة حقيقية لتراكم الأرباح أو النمو طويل الأجل مقارنة بما يجده في الأسواق الغربية أو الآسيوية.

وفي الاقتصاد السلوكي الحديث يرى باحثون مثل ريتشارد ثالر أن المستثمر يتصرف كمحلل للمخاطر والعائد و لذا حين ينظر الخليجي إلى الفرص المتاحة أمامه في وول ستريت وأسواق التكنولوجيا في كاليفورنيا وصناديق المؤشرات العالمية ثم يقارنها بفرصة في دولة عربية ذات تضخم مرتفع ونظام قانوني ضعيف وعملة غير مستقرة فإن القرار العقلاني يكون واضحا في الابتعاد عن الاستثمار في البلاد العربية وإن كانت هي الأقرب نفسا وفكرا وعقلا إلى المستثمر الخليجي.

ويجادل  فرانسيس فوكوياما أن غياب الدولة القوية القادرة على فرض القانون يعطل التنمية الاقتصادية

كما يؤكد داني رودريك أن الديمقراطية غير المستقرة أخطر من الأنظمة المغلقة لأنها تجعل التشريعات الاقتصادية عرضة للتغيير المستمر، فالخليجي هنا لا يهرب من العروبة كما يتوهم شعوب دول الأزمات بل من العشوائية والخسارة المتحققة في ظل هذه الدول المأزومة.

وبالمقارنة اللاموضوعية يشير الاقتصاديون الغربيون إلى أن الصين والهند جذبت رؤوس الأموال لأنها قدمت قصص نجاح قابلة للتكرار. أما الدول العربية – باستثناءات محدودة – فغالبا ما تقدم نماذج محبطة على سبيل المثال مشاريع كبرى لا تكتمل واستثمارات تصادر عند تغير السلطة وقطاعات يغيب عنها الابتكار وبالتالي فإن الخليجي الذي قد يكون مستعدا لتقديم تسهيلات لا يجد ما يستحق الرهان عليه في أغلب الحالات.

ومن هنا نجد أن رأس المال الخليجي يتصرف برشد واحترافية بينما لا تمتلك الدول العربية مؤهلات الجذب المؤسسي وأن القرب الجغرافي والثقافي ليس كافيا دون منظومة قانونية، وإدارية ومحاسبية قوية

وبناء عليه فإن المطلوب ليس دعوة المستثمرين عبر الخطابات بل من خلال بناء الثقة عبر المؤسسات.

وفي سياق تحليل أسباب تراجع الاستثمار الخليجي في الدول العربية لا يمكن تجاوز حقيقة قاسية لكنها جوهرية تؤكد على أن فساد المؤسسات في العديد من الدول العربية والإسلامية هو السبب الجذري وراء هروب المال الخليجي من محيطه الطبيعي والمشكلة ليست في “النية” الخليجي بل في غياب بيئة تستحق الثقة، فعندما يواجه المستثمر منظومات إدارية تعاني من المحسوبية وقوانين تتغير بتغير المزاج السياسي وقضاء ضعيف مرتشي لا يطمئن إليه فإن القرار العقلاني الوحيد هو الهروب نحو الغرب لا التوغل في المنطقة والمفارقة المؤلمة أن كثيرا من الشعوب العربية لا تنتقد هذه الاختلالات، بل توجه نقدها نحو العلاقة الاقتصادية بين دول الخليج والدول الغربية، وتصفها بالتبعية أو الانحياز وهذا نقد عاطفي لا يستند إلى التفكير الاقتصادي العقلاني، فالسوق لا يعرف الشعارات بل يقيم التجربة على أساس:

  • الأمان القانوني
  • الثبات السياسي
  • شفافية القرار
  • توقع العائد

ولو توفرت هذه العناصر في أي دولة عربية لوجدنا رؤوس الأموال الخليجية حاضرة بقوة بل ستكون أكثر اندفاعا، وهنا نؤكد على أن المال الخليجي لم  ينكفأ عن محيطه وإنما المحيط هو من أقصى هذا المال

والخطاب الشعبي العربي مطالب اليوم بأن ينتقد أنظمته لا وجهة تدفق المال الخليجي لأن الاقتصاد لا يدار بالانفعالات بل بالمؤسسات والقوانين.

وبعد هذا البناء المنهجي للاقتصاد من خلال الفكر الاقتصادي الغربي الذي يدير العالم سأتجه نحو توجيه بوصلة الوعي العربي حول هذه القضية وحديثه عن البقرة الحلوب الذي تحركه عقليات انتقامية أو جاهلة بواقعها أو هي أجهل بقواعد الفكر الاقتصادي العالمي التي هي جزء من هذه المنظومة العالمية وما تزال تتداول الدولار والعملات الصعبة في دولها التي لم تتحر إلا من خلال الخطابات العدائية التي تزيد من واقعها سوء ومن شعوبها ضعفا.

إن الكثير من أبناء الشارع العربي ينظرون إلى العلاقة بين دول الخليج وأمريكا على أنها علاقة استسلام لأمريكا بسبب زيارة ترامب والاستثمارات الضخمة المعلن عنها، لكن هذا الرأي يحتاج إلى إعادة نظر وتحليل بعقلانية بعيدا عن الأحكام العاطفية، ذلك أن دول الخليج تعد لاعب اقتصادي ذكي يوزع استثماراته في الأسواق العالمية بحثا عن الأمن المالي والعائد المستقر، وتعد  أمريكا سوقا كبيرة ومتقدمة توفر فرص استثمارية تضمن فيها حفظ القيمة وتحقق أرباح طويلة الأمد ، كما أن زيارة ترامب خطوة دبلوماسية في إطار المصالح المتبادلة وهدفها تعزيز الشراكة الاستراتيجية وهذه اللقاءات جزء من السياسة الدولية المعقدة وليست دليلا على هيمنة أو إخضاع لا سيما وأن دول الخليج تحسن إدارة علاقاتها وتستثمر نفوذها في التفاوض والحصول على المكاسب.

ورغم استثمارات الخليج في الخارج فإن هذه الدول تعمل على تطوير اقتصادها المحلي وتنويعه مثل رؤية السعودية 2030 ومشاريع الإمارات المتنوعة و الأموال المستثمرة في الخارج تحمي الثروات وتعود بالنفع على الاقتصاد الخليجي عبر عوائد مالية وتقنية.

وأخير إن العلاقات بين دول الخليج وأمريكا تقوم على مصالح متبادلة وفي كثير من الأحيان تستفيد دول الخليج من نفوذها السياسي والاقتصادي ويزيد من نفوذها وتحقيق دورها الاستراتيجي وهذا ما تبين من خلال تأثيرها القوي على رفع العقوبات الاقتصادية على سوريا.

إن الشعور بالغضب أو الاستياء من التبعية لا يفيد دون العمل على بناء مؤسسات قوية وتحسين البيئة الاقتصادية والسياسية في الدول العربية والخليجية ويجب أن يركز النقد العقلاني على إصلاح الواقع بدلا من إطلاق أحكام سطحية لا تفيد الجمهور بأي شيء نفعي يغير واقعهم المأزوم، وإنما من واجبنا كدول متأزمة أن تؤسس لبيئة استثمارية قادرة على منافسة البيئة الأمريكية وجاذبة للمستثمر الخليجي.

ومع ذلك فإن الاستثمار في الولايات المتحدة يزيد من التوحش الرأسمالي الذي يهدد الاستقرار العالمي كما أن العقلية السياسية الأمريكية قد تهدد استثمارات الدول تحت عدة مسوغات تتعلق بحقوق الانسان والديمقراطية وغيرها من الأدوات التي تستخدم للسيطرة على أموال المستثمرين أو تجميدها .

إن الرأسمالية في جوهرها لا تبيع فقط سلعة أو خدمة بقدر ما تفرض نمطا كونيا للحياة و تصورا قسريا لماهية الإنسان و لوظيفته ولطبيعة علاقاته بالآخرين وبالمادة وبالقيمة فالنظام لا يكتفي بتحديد ما هو مشروع اقتصاديا بل يصوغ معنى الاستحقاق ذاته؛ من يستحق أن يملك؟ من يسمح له أن يستثمر؟ ومن يمنح شرعية الاستثمار؟

وفي قلب هذا النظام تقف الولايات المتحدة كدولة وضمير أخلاقي زائف لعالم ينقاد تحت فكرة أن النجاح المادي دليل النعمة الإلهية ،  وأن الثراء شهادة على الطهارة الأخلاقية، هذه الأخلاق السوقية المتوارثة عن تطهيرية ذات جذر ديني تصنف المال وفق طهارته السياسية: فمال مطيع يكافأ ومال مشبوه يطارد، حتى يطهر بالتنازل أو بالتبعية، ويقود هذه الفلسفة بصورة أكثر وضوحا الرئيس الأمريكي ترامب.

لكن وحين تدخل رؤوس الأموال القادمة من خارج المركز إلى السوق الأمريكي فهي لا تدخل سوقا حرا، ولكنها تدخل  طقسا عقائديا قائما على الامتثال لقواعده.

إن الثروة منحة وليست وسيلة للنفوذ أو المقاومة. أما إذا حادت الأموال عن ذلك  وإذا حاولت أن تبني بها سلوكا سياسيا بديلا أو استقلالا مؤسسيا  فإن يد النظام تتحول إلى قاض وجلاد في آن واحد وبهذه الآلية حوصرت روسيا ليس لأنها اجتازت حدودا سياسية وإنما لأنها امتلكت الجرأة على تفعيل مواردها في معزل عن السوق العالمية.

مئات المليارات من احتياطاتها جمدت لا كعقوبة فحسب بل كفعل تطهيري لأن  رأس المال الخارج عن الطاعة لا يحتمل ويجب عزله، وهذا ما يفسر فشل التنمية في العالم العربي والافريقي وفشل الشركات الوطنية أمام الاستثمارات الأجنبية ومركزية العالم الذي ينظم القواعد ويضع النظم والعقوبات والتشريعات المركزية .

العراق لم يدمّر بالقنابل وحدها وإنما أيضا بالموازنات والخصخصة وبعقود الإذعان وبنزع السيادة عن قراره المالي وقد فكك الاقتصاد ليعاد تركيبه بما يناسب شركات المركز، و الدولة أفرغت من وظائفها والثروة أعيد توزيعها دون شعبها، وفي سوريا لم يكن الحصار المالي عرضا جانبيا للحرب بل كان من أدواتها الأصلية حيث حرمت البلاد من الاستثمار تحت ذريعة الحرب الدائرة وهو عقاب لا يمس نظام الحكم فحسب وإنما مجتمعات الدولة وشعوبها لأن النظام الاقتصادي العالمي هو من يحكم وهو الذي قرر أنها لم تعد تصلح كجسم يتلقى المال النظيف وهذا بموجب قانون يقر في واشنطن.

أما الصين فبرغم عضويتها في السوق تعامل كدخيلة أو كأنها تنجس الفضاء الحر بنموذجها الإنتاجي غير المسبوق و حينما  تحاول الاستثمار تلاحق شركاتها وتتهم تكنولوجيتها وتمنع صفقاتها بدعوى أنها لا تنتمي للمقدس الاقتصادي الغربي.

 

حتى الأموال الخليجية وإن قدمت بكامل الاحترام والطاعة تظل دائما في موضع الريبة يرحب بها في الفنادق ويرفض دخولها إلى مراكز القرار، و كل صفقة تفحص، وكل توسع يقيد وكل طموح يحاصر بلغة مهذبة لكنها تشي بأن رأس المال العربي مهما زاد يبقى دون أهلية السيادة.

ما يسمى بالسوق ليس سوى معبد له كهنته ومحاكم تفتيشه والمال الذي لا يخضع يلاحق كهرطقة تهدد العقيدة والنظام لا يحمي الثروة بل يحمي من يملكون الحق في الثروة ومن يملك الحق؟ من يصدق على رواية التفوق ومن يكرس موقع المركز ومن يقبل أن يكون ماله أداة لا غاية.

إن السيادة في هذا النظام تشترى لكن لا تمنح و تؤجر ولكن لا تنقل وكل من يظن أن بإمكانه امتلاك قراره بمجرد امتلاك رأس المال، سيتعلم سريعا أن الملكية في هذا العالم ليست ما تمل  بل ما يقرره المركز أنه لك.

ومع هذه المميزات التي تميزت بها العقلية المؤسسية والاقتصادية الأمريكية وقدرتها  على تأسيس بنية قابلة لاستقطاب المال الأجنبي إلا أن هناك عدة مخاطر  منها نجملها بما يلي:

  • الهيمنة الاقتصادية: يعد الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر والأكثر تأثيرا عالميا وهو ما يجعل الاستثمارات العربية ضمن نظام اقتصادي قوي تتحكم فيه قواعد وأولويات قد لا تتوافق دائما مع مصالح الدول العربية.
  • التبعية وعدم التوازن: يزيد الاستثمار في أمريكا من اعتماد الدول العربية على الاقتصاد الأمريكي مما يجعلها عرضة لأي تقلبات أو سياسات أميركية تؤثر سلبا على استثماراتها أو اقتصادها بشكل عام.
  • الاختلاف في قوة التفاوض: إن المستثمرين العرب قد لا يمتلكون نفس القدرة على التأثير أو التفاوض داخل الأسواق الأمريكية مقارنة بالمستثمرين المحليين أو المؤسسات الكبيرة مما قد يعرضهم لظروف استثمار أقل ملاءمة.
  • التقلبات الاقتصادية والسياسية: إن الأزمات الاقتصادية والتغيرات في السياسة الداخلية الأمريكية أو العلاقات الدولية قد تؤدي إلى مخاطر مالية أو سياسية غير متوقعة.
  • مخاطر الاستغلال وعدم العدالة: في بعض الحالات قد تواجه الاستثمارات العربية تحديات في بيئة قانونية وتنظيمية معقدة مما يسبب قد مشاكل في حماية حقوق المستثمرين.
  • التأثيرات الاجتماعية والسياسية: إن الاستثمار في دولة ذات تأثير سياسي وعسكري عالمي كبير قد يعرض الدول العربية لمواقف معقدة في حال نشوء خلافات سياسية أو دبلوماسية.
  • تغييرات في السياسات الأمريكية: على سبيل المثال تغييرات في القوانين الضريبية و قوانين مكافحة غسيل الأموال أو أن سياسات الاستثمار الأجنبي قد تؤثر على الاستثمارات.
  • العقوبات والقيود: في حال حدوث خلافات سياسية أو أمنية، قد تفرض أمريكا عقوبات اقتصادية أو قيودا على بعض المستثمرين أو القطاعات.
  • التدخلات الحكومية: الرقابة أو التدخلات الحكومية المفاجئة في قضايا الاستثمار يمكن أن يعرقل المشاريع أو يخلق بيئة غير مستقرة.
  • الصورة النمطية والتحامل: في أحيان كثيرة تواجه الاستثمارات الخليجية تحاملا اجتماعيا أو سياسيا مرتبطا بالقضايا الإقليمية أو الدينية مما قد يؤثر على سمعة المستثمرين أو قبولهم في بعض القطاعات.
  • الاختلاف الثقافي: قد تؤدي الفروقات الثقافية والاجتماعية إلى سوء تفاهم أو صعوبة في إقامة علاقات عمل ناجحة خصوصا في الشركات الصغيرة أو المشاريع التي تعتمد على التواصل المباشر.
  • الضغوط المجتمعية والسياسية: قد تتعرض بعض الاستثمارات لضغوط من منظمات المجتمع المدني أو جماعات ضغط تطالب بمزيد من الشفافية أو المراقبة على الاستثمارات الأجنبية.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.